الدارس اسم أعتز به ؛ لأنَّه يستدعي إلى الذهن قيمة الدراسة ..
صحيح أنَّ الدراسة الآن صارت لفظة مبتذلة ، لأنَّها كادت تنحصر في صورة الدراسة النظامية التي تشيع لدى كثير من أبنائنا حالةً من الكآبة التي تستدعي التنفيس والبحث عن مهرب من ضغط المذاكرة والامتحانات والحفظ والاستيقاظ مبكرا وعناء الواجبات المنزلية ... الخ
كما تشعر أولياء الأمور بأعباء مادية ونفسية لا يستطاع تحملها إلا بشق الأنفس..
هذا صحيح .. ولكنني أريد أنْ أعيد للدراسة معناها البكر بعيدًا عن تعبيرات من مثل: العام الدراسي - الكتاب المدرسي - الدروس الخصوصية - المصروفات الدراسية
وهذا المعنى البكر معنى يستوحي قول الله عز وجل : (وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [الأنعام: 105] ، قال الآلوسي في روح المعاني : " ومعنى (دَرَسْتَ) قرأت وتعلمت ، وأصله على ما قال الأصمعي من قولهم : درس الطعام يدرسه دراساً إذا داسه كأن التالي يدوس الكلام فيخف على لسانه . وقال أبو الهيثم : يقال درست الكتاب أي ذللته بكثرة القراءة حتى خف حفظه من قولهم : درست الثوب أدرسه درساً فهو مدروس ودريس أي أخلقته ، ومنه قيل للثوب الخلق : دريس لأنه قد لان ، والدراسة الرياضة ومنه درست السورة حتى حفظتها . وهذا كما قال الواحدي قريب مما قاله الأصمعي أو هو نفسه لأن المعنى يعود فيه إلى التذليل والتليين . وقال الراغب : يقال دَرَسَ الدارُ أي بقي ( أثره ) وبقاء الأثر يقتضي انمحاءه في نفسه فلذلك فسر الدروس بالإنمحاء ، وكذا درس الكتاب ودرست العلم تناولت أثره بالحفظ ، ولما كان تناول ذلك بمداومة القراءة عبر عن إدامة القراءة بالدرس أهـ. وهو بعيد عما تقدم كما لا يخفى ».
في الدراسة إذن معنى المزاولة للكلام المدروس والممارسة الطويلة التي تلينه على لسان الدارس وفي قلبه ، بحيث يصبح ذا ملكة في أدائه وفهمه والاستنباط منه ، وقد قرأتُ منذ سنوات عبارة منحوتةً على كرسيٍّ في بيت شيخ العربية الشيخ محمود محمد شاكر رحمه الله تعالى تقول : (الدارس يغلب الفارس) وهي عبارة بليغة جدًّا .. رأيت أن أجعل قلبي لها مكان الكرسي الذي نحتت عليه .. وإذ ذاك أحببتُ هذا اللقب ورأيتُ فيه شرفًا لحامله ..
ويكفيه حسنًا حظُّه من قول النبي صلى الله عليه وسلم : " ألا إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلا ذِكرَ اللَّهِ وَمَا وَالاهُ وَعَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا " [رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب].
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمًا يا حي يا قيوم.
صحيح أنَّ الدراسة الآن صارت لفظة مبتذلة ، لأنَّها كادت تنحصر في صورة الدراسة النظامية التي تشيع لدى كثير من أبنائنا حالةً من الكآبة التي تستدعي التنفيس والبحث عن مهرب من ضغط المذاكرة والامتحانات والحفظ والاستيقاظ مبكرا وعناء الواجبات المنزلية ... الخ
كما تشعر أولياء الأمور بأعباء مادية ونفسية لا يستطاع تحملها إلا بشق الأنفس..
هذا صحيح .. ولكنني أريد أنْ أعيد للدراسة معناها البكر بعيدًا عن تعبيرات من مثل: العام الدراسي - الكتاب المدرسي - الدروس الخصوصية - المصروفات الدراسية
وهذا المعنى البكر معنى يستوحي قول الله عز وجل : (وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [الأنعام: 105] ، قال الآلوسي في روح المعاني : " ومعنى (دَرَسْتَ) قرأت وتعلمت ، وأصله على ما قال الأصمعي من قولهم : درس الطعام يدرسه دراساً إذا داسه كأن التالي يدوس الكلام فيخف على لسانه . وقال أبو الهيثم : يقال درست الكتاب أي ذللته بكثرة القراءة حتى خف حفظه من قولهم : درست الثوب أدرسه درساً فهو مدروس ودريس أي أخلقته ، ومنه قيل للثوب الخلق : دريس لأنه قد لان ، والدراسة الرياضة ومنه درست السورة حتى حفظتها . وهذا كما قال الواحدي قريب مما قاله الأصمعي أو هو نفسه لأن المعنى يعود فيه إلى التذليل والتليين . وقال الراغب : يقال دَرَسَ الدارُ أي بقي ( أثره ) وبقاء الأثر يقتضي انمحاءه في نفسه فلذلك فسر الدروس بالإنمحاء ، وكذا درس الكتاب ودرست العلم تناولت أثره بالحفظ ، ولما كان تناول ذلك بمداومة القراءة عبر عن إدامة القراءة بالدرس أهـ. وهو بعيد عما تقدم كما لا يخفى ».
في الدراسة إذن معنى المزاولة للكلام المدروس والممارسة الطويلة التي تلينه على لسان الدارس وفي قلبه ، بحيث يصبح ذا ملكة في أدائه وفهمه والاستنباط منه ، وقد قرأتُ منذ سنوات عبارة منحوتةً على كرسيٍّ في بيت شيخ العربية الشيخ محمود محمد شاكر رحمه الله تعالى تقول : (الدارس يغلب الفارس) وهي عبارة بليغة جدًّا .. رأيت أن أجعل قلبي لها مكان الكرسي الذي نحتت عليه .. وإذ ذاك أحببتُ هذا اللقب ورأيتُ فيه شرفًا لحامله ..
ويكفيه حسنًا حظُّه من قول النبي صلى الله عليه وسلم : " ألا إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلا ذِكرَ اللَّهِ وَمَا وَالاهُ وَعَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا " [رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب].
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمًا يا حي يا قيوم.
تعليق أعجبيني للأستاذ أيمن عيسى
ردحذف( الدارس اسم جميل ابتذل في عصر الهوان والضعف وصار ثقيلا على أصحاب العزائم الخائرة التي سئمت المؤلفات الكبار وعابت الشروح والحواشي والتقارير ورضيت بالبرشامة والمخلص، وعلى كل الدارس لفظ مازال يحمل معاني الرياضة المجاهدة والمشقة والإلحاح، فإن اللذة فيه قرينة المشقة والدراسة المثمرة تحتاج إلى دارس حق كما أن الظفر في الجهاد يحتاج إلى فارس حق).