الاثنين، 8 يونيو 2009

اللغة العربية قيمة وفضلا

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد فإنَّ من أهمِّ القضايا المعاصرة التي ينبغي أنْ يلتفت إليها الواعون من أبناء الأمة موقع اللغة العربية من حياتنا، وشعورنا نحوها، ودرجة حبِّنا لها واعتزازنا بها، ويترجم عن ذلك كله مدى حرصنا على تعلمها وإتقانها.
وهو موضوع يحتاج إلى كثير من المراجعات، مع الانتباه إلى أنَّ قضية اللغة ليست قضية تاريخية، بل هي قضية معاصرة لها آثارها المباشرة على حياتنا اليومية، وأودُّ أنْ أضع هنا ثلاثَةَ مبادِئ تمثِّلُ منطلقاتِ الاهتمام بهذا الموضوع:
1- لا أمَّةَ بلا هُوِيَّةٍ.
2- لا هُوِيَّةَ بلا لُغَةٍ.
3- لا لُغَةَ لأمَّتِنا إلا العربية.
ووإلك عزيزي القارئ بعضَ مقولاتٍ لبعض كبار العلماء يظهر فيها مدى تقديرهم لشأن العربية، مما يحفز على مناقشة الموضوع، ولنا _ إن شاء الله تعالى _ عودٌ إليه:
* قال الإمام الشافعي [ت204هـ]:« (167) فعلى كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جَهْدُه؛ حتى يشهد به أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله، ويتلوَ به كتابَ الله، وينطقَ بالذكر فيما افترض عليه من التكبير، وأُمِرَ به من التسبيح والتشهد وغير ذلك. (168) وما ازداد من العلم باللسان الذي جعله الله لسان مَنْ خَتَمَ به نُبُوَّتَه وأنزل به آخر كتبه ـ كان خيرا له، كما عليه يتعلمُ الصلاة والذكر فيها، ويأتي البيتَ وما أمر بإتيانه، ويَتَوَجَّهُ لما وُجِّه له، ويكونُ تَبَعًا فيما افْتُرِضَ عليه ونُدِبَ إليه لا متبوعًا» [الرسالة ص 48، 49]
* قال شعبة [ت 160هـ] :«مثل الذي يتعلم الحديث ولم يتعلم العربية كالرأس بلا برنس» [الصعقة الغضبية ص248]، وقد روي أيضًا:«مثل الذي يتعلم الحديث ولا يتعلم النحو مثل البرنس لا رأس له»، وقال أيضًا:«مثل صاحب الحديث الذي لا يعرف العربية مثلُ الحِمار عليه مخلاةٌ لا علف فيها»، وقال حماد بن سلمة [ت 167هـ]:«من طلب الحديث َ ولم يتعلم العربية فهو مثْلُ الحِمار تُعَلَّقُ عليه المخْلاةُ ليس فيها شعيرٌ» [الصعقة الغضبية ص249].
* كان أيوب السَّختياني [ت 131هـ] ـ من صغار التابعين، ثقة ثبت حجة، قال عنه شعبة: ما رأيت مثلَه ـ كان إذا لحن قال:«أستغفر الله» [انظر الصعقة الغضبية ص 251].
* يقول الطوفي [ت 716هـ] رحمه الله تعالى:«ثم إنا قد ابتلينا بجهال متعلمي زماننا، وعجزة متمزهديهم، إذا ذكر الأدب بحضرتهم ينفضُ أحدهم كمه ويكلح وجهُه ويقول: معرفةُ مسألةٍ من الحلال والحرام أحبُّ إليَّ من كتاب سيبويه، ويتغالى في التمزهد ويبالغ في التقشف عجزًا منه وزهدًا من العلم فيه، ولو نظر ببصيرته التي لم ينورْها الله تعالى، وتأيَّدَ في أمره ـ لم قال ذلك، فإنَّ المسألة التي يشير إليها من الحلال والحرام، إنما نشأت عن البحث عن معاني الكتاب والسنة، وتحقيق ألفاظهما، وتنقيح المراد بهما، وطريقُ ذلك العربيةُ وغيرُها من المواد» [الصعقة الغضبية ص267].

الأحد، 7 يونيو 2009

الدارس وقيمة العلم

الدارس اسم أعتز به ؛ لأنَّه يستدعي إلى الذهن قيمة الدراسة ..
صحيح أنَّ الدراسة الآن صارت لفظة مبتذلة ، لأنَّها كادت تنحصر في صورة الدراسة النظامية التي تشيع لدى كثير من أبنائنا حالةً من الكآبة التي تستدعي التنفيس والبحث عن مهرب من ضغط المذاكرة والامتحانات والحفظ والاستيقاظ مبكرا وعناء الواجبات المنزلية ... الخ
كما تشعر أولياء الأمور بأعباء مادية ونفسية لا يستطاع تحملها إلا بشق الأنفس..
هذا صحيح .. ولكنني أريد أنْ أعيد للدراسة معناها البكر بعيدًا عن تعبيرات من مثل: العام الدراسي - الكتاب المدرسي - الدروس الخصوصية - المصروفات الدراسية
وهذا المعنى البكر معنى يستوحي قول الله عز وجل : (وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [الأنعام: 105] ، قال الآلوسي في روح المعاني : " ومعنى (دَرَسْتَ) قرأت وتعلمت ، وأصله على ما قال الأصمعي من قولهم : درس الطعام يدرسه دراساً إذا داسه كأن التالي يدوس الكلام فيخف على لسانه . وقال أبو الهيثم : يقال درست الكتاب أي ذللته بكثرة القراءة حتى خف حفظه من قولهم : درست الثوب أدرسه درساً فهو مدروس ودريس أي أخلقته ، ومنه قيل للثوب الخلق : دريس لأنه قد لان ، والدراسة الرياضة ومنه درست السورة حتى حفظتها . وهذا كما قال الواحدي قريب مما قاله الأصمعي أو هو نفسه لأن المعنى يعود فيه إلى التذليل والتليين . وقال الراغب : يقال دَرَسَ الدارُ أي بقي ( أثره ) وبقاء الأثر يقتضي انمحاءه في نفسه فلذلك فسر الدروس بالإنمحاء ، وكذا درس الكتاب ودرست العلم تناولت أثره بالحفظ ، ولما كان تناول ذلك بمداومة القراءة عبر عن إدامة القراءة بالدرس أهـ. وهو بعيد عما تقدم كما لا يخفى ».
في الدراسة إذن معنى المزاولة للكلام المدروس والممارسة الطويلة التي تلينه على لسان الدارس وفي قلبه ، بحيث يصبح ذا ملكة في أدائه وفهمه والاستنباط منه ، وقد قرأتُ منذ سنوات عبارة منحوتةً على كرسيٍّ في بيت شيخ العربية الشيخ محمود محمد شاكر رحمه الله تعالى تقول : (الدارس يغلب الفارس) وهي عبارة بليغة جدًّا .. رأيت أن أجعل قلبي لها مكان الكرسي الذي نحتت عليه .. وإذ ذاك أحببتُ هذا اللقب ورأيتُ فيه شرفًا لحامله ..
ويكفيه حسنًا حظُّه من قول النبي صلى الله عليه وسلم : " ألا إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلا ذِكرَ اللَّهِ وَمَا وَالاهُ وَعَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا " [رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب].
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمًا يا حي يا قيوم.



الجمعة، 5 يونيو 2009

حكاية دارس







حكاية دارس

1- هل تسمعون حكايتي تسري على درب الندمْ

2- أنا فارس ضاعت خيولي في متاهات العدمْ

3- فتفرقت نفسي لتنشدها ولما تلتئمْ

4- لكنني أيقنت أنِّي لا محالةَ منتقمْ

5- مِنْ كلِّ قيدٍ قد تَسَرْبَلَنِي ليُكْدِيَ همَّتي

6- حينًا يضلِّلني، وحين أُفيقُ يبطِئُ خُطْوَتي

7- حتى سُبِقْتُ، كأَنَّنِي قد أعوزتنيَ حيلَتي

8- لا في النفير أنا، ولا أنا في الخوالف مهجتي

9- أنا دارسٌ سارت خطاه على طريقٍ مُزْبِدِ

10- لم أرتضِ التقليد منهاجًا ولم أتبلَّدِ

11- ورنوتُ نحوكَ يا سبيل العلم غيرَ مُعبَّدِ

12- مازلتُ أُمْتِعُ فيكَ نفسِي باجتهادٍ مُجْهِدِ

13- ويلذُّ لي في كلِّ يومٍ أن أروحَ وَأَغْتَدِي

14- ما بين مِفْتاحِ العلومِ أُراه يُعْمَلُ في يدي

15- وصحائفٍ من مرسل الأقوالِ أو من مسنَدِ

16- أَرْقَى بذلك كُلَّما أشعلتُ يوميَ في غدِ.

17- هذا الطريقُ .. زللتَ عنه، فهل تعودُ وتَتَّقي؟

18- يا مهجتي .. ما لي أراكِ وقد ضعفتِ، وقد بقي.

19- في العمر يُزْهِرُ غُصْنُ حُبٍّ يحتوينيَ مُورِقِ.

20- يا جنَّتي .. عودي، لعلَّي أنْ أعودَ وأرتقي.

* * *